مقالات

تأملات بقلم بقلم الشريف عوني السيد احمد ابوعمران القبيسي شيخ عموم الطريقه القبيسية الخلوتية ومدير عام إدارة طهطا الازهرية

الغرباء في هذا الزمان

 

يرحم الله المؤمنين في هذا الزمان انهم غرباء على هذه الارض كل ما حولهم يذكرهم بالغربه فالناس في هذه الايام يتسابقون الى المعصيه ويتباهون بالاثم والعدوان وتنضح اوعيتهم بالمنكر وتمتلئ قلوبهم بالتفاهات فكيف يعيش الإنسان المؤمن الذي تربي على الأخلاق الحميدة

انه ان جارهم فارق ايمانه وإن اعتزلهم قالوا انه رجل ثقيل الدم لا يألف ولا يؤلف مسكين حقا المؤمن اليوم ان الجو من حوله مملوء بالنفاق الفارغ والخداع وانعدام الضمير والاكاذيب الضخمه و الادعاءات العريضه وهو لا يتقن شيء في هذا كله هو يعرف القران والقران مهجور وهو يعرف السنه والسنه متروكه وهو يعرف الاخلاق ولغه الاخلاق لا ثمن لها بين اناس اليوم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الغرباء قال الذين يصلحون اذا فسد الناس وفي روايه اخرى هم الفارون بدينهم يعني من فتن الحياه يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ياتي على الناس زمان يقول الناس في ما أظرف فلانا وما احسنه وما هو بظريف ولا حسن ولكنه لم يغضب الله تعالى ونحن اليوم نسمى المنافق ظريفا والضحوك خفيف والسفيه لطيفا فأما المؤمن المفكر في العواقب المتصل بالله العارف لدينه فلا يجد اناس يجلس اليهم ولا جماعه تحن اليه انما هو يجب ان ينعزل في بيته ويبعد عن مجتمعه ما اكثر الناس لا بل ما اقلهم.

 

الله يعلم إني لم أقل فندا

 

اني لافتح عيني حين افتحها

 

على كثير ولكن لا ارى احدا

اذا صلى المؤمن فاطال في صلاته وساح تعجب الناس منه واذا قرا المؤمن من كلام ربه فخشع وبكى تعجب الناس منه واذا تحري الصدق في أخبار ه وكلامه تعجب الناس منه واذا تحدث عن صفاء القلوب ونقاء السرائر وهيام الارواح قالوا انه شطح وبعد عن الصواب واذا ذكر تاريخ العظماء الاولين والابطال السالفين قالوا انه يعيش في الماضي واذا تذكر الاخرة والموت والحساب والوقفه بين يدي الرحمن قالوا انه متشائم او اسود المزاج فالمؤمن في واد والناس من حوله في واد آخر

 

وحيد من الخلان في كل بلده

اذا عظم المطلوب قل المساعد

 

وقد شكا ابو ذر من هذه الغربه كما شكا عبد الله بن عمر وكذلك ابن القيم وكثير وكثير لم يعجبهم نفاق الاحياء وضلال الناس فعاشوا مع الله بعد أن هجروا الناس وكرهوا المفسدين وقد روي القرآن أن موسى كان في يوم من الايام غريبا خائفا و لكن الله اوآه ونصره وأيدة ونجاة من القوم الظالمين

انصح المؤمنين الغرباء بانهم يكثرون الاتصال بربهم ففي هذا سلوة أي سلوة ونجاه أي نجاه ( من اراد صاحبا فالله يكفيه ومن اراد مؤنسا فالقرآن يكفيه ومن اراد كنزا فالقناعه تكفيه ومن اراد واعظا فالموت يكفيه) وان المؤمنين من الجن لما سمعوا القران قالوا (وانا لما سمعنا الهدى امنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا) وانصح المؤمنين الغرباء إن يكون لهم في رسول الله اسوة حسنه فقد كان من قبلهم غريبا وكان يتيما وحيدا ولكنه كان أمه وحده إذا مشي وأذا تكلم واذا دعا الي ربه :

 

وصدق الله العظيم لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا.

وانصح المؤمنين الغرباء بأن يعيشوا بافكارهم مع التواريخ البيض لأبي بكر وعمر و عثمان و علي وصحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يجد في ذلك ما يفرج همه ويكشف غمه ويسلج صدره ويقر عينه انها دنيا فانيه والناس هم الناس وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ولكن اكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياه الدنيا وهم عن الاخره هم غافلون ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لايفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون ايها المؤمن الحبيب الغريب: ان الذهب وإن قل لا يطمره التراب وإن كثر وإن النجم وانا علا لا يزيده الظلام وان حلك إلا بريقا وضياء حافظ علي ايمانك حافظ على مبادئك وحافظ على مثلك فإن العباده في ايام الفتنه والهجرةالى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبدد شك النفاق بيقين الايمان وتغلب على ذل الخوف بطمأنينه القلب واسحق جنود الشيطان بذكر الرحمن واكبح جماح اللسان فان فلتتاته صعبه وعثراته شديده واعبد ربك حتي يأتيك اليقين ولنقرأ سويا قول الله عز وجل: انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون

بقلم الشريف

عوني السيد احمد ابوعمران القبيسي

شيخ عموم الطريقه القبيسية الخلوتية ومدير عام إدارة طهطا الازهرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى