مقالات
صموئيل العشاي يكتب: مفتي الجمهورية .. عالم يسخّر مكانته لخدمة الناس

صموئيل العشاي يكتب: مفتي الجمهورية .. عالم يسخّر مكانته لخدمة الناس
في زمن يتسابق فيه كثيرون على المناصب بحثًا عن وجاهة أو سلطة، يطلّ علينا نموذج مختلف تمامًا في شخص فضيلة الدكتور نظير عيّاد، مفتي الديار المصرية وأمين لجنة دور الإفتاء حول العالم، ذلك العالم الجليل الذي جعل من موقعه وسيلةً حقيقيةً لخدمة الناس، لا وسيلة للتفاخر أو البروز.
من يعرف الدكتور نظير يدرك سريعًا أنه رجل خدوم بالفطرة، لا يتأخر عن تلبية طلب، ولا يتوانى عن مساعدة من يقصده. ما بين مكتبه ومجالسه الرسمية، وبين لقاءاته مع العامة، يظل ثابتًا على نهج واحد: أن يسخّر ما في يده من سلطة علمية وإدارية لخدمة أبناء هذا الوطن. وكثير من أصحاب المناصب قد تحجبهم مواقعهم عن الناس، لكن الدكتور نظير عيّاد اختار طريقًا مختلفًا؛ فقد ظلّ متاحًا للجميع، قريبًا من مشكلات الناس، لا يكلّفهم مشقة الوصول إليه، بل يفتح لهم أبوابه، ويعتبر أن كل منصب يتولاه إنما هو تكليف بخدمة الخلق قبل أي شيء آخر.
وما يلفت النظر في شخصيته أنه لا ينتظر طلبًا مباشرًا حتى يقدّم العون، بل يسعى بنفسه ليذلّل الصعاب أمام الآخرين، وكأنه يترجم مقولة العلماء: العلم إذا لم يُثمر رحمة وخدمة، فلا بركة فيه. وما يميّزه أنه لم يجعل خدمة الناس منّة أو فضلًا منه، بل جعلها رسالة يومية يؤديها بصدق. سواء أكان الأمر يتعلق بخدمة إدارية صغيرة أو بمهمة كبيرة، فإن الرجل يضع نفسه في موقع الخادم الأمين، لا المتعالي ولا المتفضل.
ويشهد كثيرون ممن تعاملوا معه أنه يقف إلى جوارهم حتى تنقضي حوائجهم، متابعًا ومهتمًا، وكأن الأمر شأنه الشخصي، إيمانًا منه بأن العالم الحقيقي هو من يترجم علمه وأخلاقه في واقع الناس. وبهذا السلوك الإنساني النبيل، يقدم الدكتور نظير عيّاد صورة مشرّفة، فهو العالم الذي لم يكتف بالجلوس على المنصة أو المشاركة في المؤتمرات، بل نزل إلى واقع الناس، فكان قدوةً في التواضع، ورمزًا في الإخلاص، وعنوانًا للعالم الذي يفهم أن مكانته لم تُعطَ له إلا ليخدم بها وطنه وأمته.
إن الحديث عن الدكتور نظير عيّاد ليس مجرد إشادة بعالم فاضل، بل هو إشارة إلى قيمة نادرة: قيمة الإنسان الخدوم الذي يستغل ما بيده من منصب ومكانة لخدمة الناس، لا لخدمة نفسه. وهذا بالضبط ما يحتاجه المجتمع اليوم؛ رجال يضعون المناصب في موضعها الصحيح: أداة للعطاء، لا غاية للزهو