مقالات

سلم الخدم بقلم د.م احمد ابوعليو

سلم الخدم

والمتسلقين علي اكتاف الاخرين

أجمل ما فى الدنيا أنك تعرف الناس وتعاملهم في العمل في الشارع في محفل اجتماعي او سياسي او اقتصادي وربما تجد نفسك تراقب اعمالهم من الداخل ومن الخارج .

وستجد انك عرفت أقواما طوالا عراضا من خارجهم وصغارا متضائلين من داخلهم.

ستجد الفاشل الذى يحقد على الناجح وستجد الضعيف الذى يكره القوى وستجد الفئران التي تمقت السباع.

وستعرف صعاليك لهم طباع العظماء وعظماء لهم أخلاق الصعاليك.

وستكتشف أن بعض الناس فى داخلهم يختلفون كثيرا عما فى خارجهم يرتدون افخم الثياب واغلاها ثمنا وجلودهم محفور عليها الحقد والحسد والرغبة فى الانتقام.

ستعرف اناسا صغارا فى مراكزهم لكنهم كبارا فى تعاملهم .

وستعرف كبارا أشبه بالجبال الشامخة وصلوا الي ما وصلوا إليه بكدهم وعرقهم وجهدهم وإيمانهم وستعرف أنهم دخلوا المجد من الباب الرئيسي.

وستجد اخرين وصلوا الي ما وصلوا اليه بالطبول والزمور والهتافات.وللأسف ستجد ان هؤلاء كثر ربما لا تستطيع احصائهم لكثرتهم .

هؤلاء صعدوا فجأة لم يصعدوا درجات السلم المليئة بالصاعدين والنازلين، ولم يقدموا للمجد سببا، ولم يشقوا او يتعبوا.

إنما صعدوا بعرف يطلق عليه اسم عرف سلم الخدم، الذى يصعد منه الطباخين والسفرجية واللصوص والشحاذين..

ويعتاد علي الصعود منه صنف من الناس يطلق عليهم اسم المتسلقين .

هؤلاء المتسلقين لا يجيدون العيش وتحقيق النجاح في أصعدة حياتهم ومهامهم إلا متسلقين على أكتاف الآخرين يحصدون ما يزرعه غيرهم, ويجنون ثمار ما تعب فيه غيرهم ويسرقون انتصاراتهم ونجاحاتهم ويحاولون تهميش أولئك العظماء.

إنهم كالنباتات المتسلقة, لا تستطيع أن تشق طريقها إلى عنان السماء إلا اعتماداً على غيرها, فهي ترتفع مع الأشجار العالية والنخيل الباسقة, وتقصر مع الأشجار القصيرة, وتعيش على الأرض إذا لم تجد ما ترتفع عليه.

انهم يتلونون كالحرباء ويتصفون بكل صفات الخيانة والغدر والمكر والخداع.

يجيدون الأكل على كل الموائد, ويتظاهرون بالتفاني والإخلاص, ويدعون بأنهم يعرفون رأس السلطة وروادها, ويدعون أنهم يعملون ويقدموا المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية, ويتظاهرون بما ليس فيهم, ويقولون مالا يفعلون, ويعظمون أعمالهم, ويمتدحون أنفسهم وينسبون لها كل الفضل, ويمجدونها بأعمال لم يؤدوها ولم يقوموا بها, يتسلقون بكل الوسائل للوصل إلى بغيتهم.

لا يأبهون بقبيح أعمالهم لان الحياء انتزع من وجوههم, يسارعون في حرمان كل خير لغيرهم, بكل وسيلة شيطانية .

لهم قدرة فائقة على التشكل والتلون بحسب الظروف والأحوال, وكل غايتهم الوصول إلى القمة والسلطة .

لا يخجلون من أنفسهم, ولا يشعرون مطلقاً بأي إحساس بالذنب, ويوحون لغيرهم أنهم الأفضل والأجدر, ولا يدخرون جهداً ولا وسعاً لإظهار أنفسهم بأنهم الأكثر كفاية والأجدر بالثقة, تجده يكذبون وينافقون ويراوغون للوصول إلى هدفهم وتحقيق مصالحهم .

ونقول لهؤلاء المتسلقين على أكتاف الآخرين تسلقوا كما شئتم وارتفعوا كما تحبون لكن اعلموا انه لن يدوم تسلقكم ولا ارتفاعكم حتي لو كانت لديكم اية وسيلة للتخفي وراء وظيفة كبري حصلتم عليها اومكانا محصنا تحسون انكم تختبئون داخله لأنكم سرعان ما ستسقطون وتلعب بكم أقل الرياح هبوبا كما تتلاعب بأوراق الأشجار في فصل الخريف .

واعلموا ان الكرة تدور وتدور وسوف تجدون انفسكم في الحضيض دون منقذ مهما حاولتم الارتفاع فالزمن سيجدف بكم إلى مزبلة التاريخ, فكل ما بني على باطل فهو باطل, ومصيركم الزوال .

راجعوا انفسكم ولا تجعلوا أكتاف الآخرين سلما لكم دون أي تقدير أو احترام , واخجلوا ولو قليلاً وكفوا عن الزيف والكذب والخداع فأنتم لا تخدعون إلا أنفسكم.

وفي النهاية أقول وبكل إصرار

ارقبوا سلم الخدم فما أكثر الصاعدين منه إلى اعلي.

فإن من ساوى نفسه فوق ما يساوي رده الله إلى قيمته.

وأن من ساوم الناس على عقولهم كان خسرانه أكبر من المتاع العاجل الذي سيجنيه .

وما ذلك إلا لكون رياح التغيير سوف تأتي وحينها سوف ينكشف المستور وتسقط الأقنعة فترتفع رؤوسا اصيله كانت في الأمس منكسة بأفعالكم الدنيئة، وتعلو في الافاق لطيب منبتها أصواتا كانت في القريب خافتة ومكتومة .

ودائما اعلموا انه ليس كل ما يلمع ذهباً….. ولا كل ما يرتفع هو في حقيقته عالياً وسامياً …..

والله الموفق والمستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى