مقالات

“النُسخ المُكررة والحِجج الغَير مُبررة” بقلم احمد القاضى

“النُسخ المُكررة والحِجج الغَير مُبررة”

كتب احمد القاضى

“أكفى القِدرة على فُمها تطلع البنت لأمها”، غالباً ما نقُول هذا المثل عندما نجد فتاة تُشبه والِدتها أو تُقلدها فى تصرفٍ ما. كذلك “من شابه أبَاه فمَا ظَلم” وأيضاً “هذا الشِبل من ذاك الأسد” يبدو ذلك إمتداداً طبيعياً يحدُث عبر كُل العُصور والأزمنة وفيه يكون الأولاد مُرتبطين شَكلاً ومضمُوناً بآبائهم وأمهاتهم ويُمثل ذلك أمراً حميداً خصوصاً وإن كانَا الأم والأب أسوياء في تصرفاتهما، في تربيتهما، في طريقة تنشئتهما لأجيال قادمة تُصدّر للمجتمع بعدهما، ولكن في حال أن يكون أحدهما أو كِلاهما يتشبع بقدر من نقصان العقل والضمير بل وقِلة الدين أحياناً فإنه يُقدم للمُجتمع نسخاً مُكررة من المرضى النفسيين وغير مُكتملي النضج ومفتقدي العقل.

وقد يبدو ذلك جَلياً حينما تتصاعد مشاكل بين طَرفي العلاقة الزوجية وقد يصل الأمر للطلاق الصامت أو الخرس الزوجي داخل بيت الزوجية وربما لقطع العلاقة تماماً بالإنفصال الرسمي ومن ثم يستخدمَا الأولاد كحائط صد ودرع للدفاع عن وجهات نظر كُلٌ منهما دُونما تريُث أو إعمال للضمير ولأن الطلاق يعني انتقال الطفل للعيش مع أحد والديه في ظل غياب جزئي أو ربما كلي للآخر بينما يسعى أحدهما أو كلاهما للإستحواذ على الأولاد في صَفه وإستخدام كُل الُسبل الغير مقبولة والوسائل الغير مشروعة من أجل سَقىّ عقول الأطفال بتُراهات لكي يكره الأب أو الأم وخصوصاً الطرف الذي يستحوذ على عقول الأبناء لأطول فترة مُمكنة، وذلك تحت حجج وهمية وأفكار بالية مَفادُها بأن الزوج هو من بدأ بالصراع وعليه تحمل تبعات قراره وأن الأولاد المساكين سيكونون هُم الشُوكة التي تُنغص عليه حياته، وتجعله يكره ذلك اليوم الملعون الذي إتخذ فيه قرار الإنسحاب.

“حجج غير مبررة لإنتاج نُسخ مُكررة، لا لشئ سوى إرضاء غُرور الإنتقام وإستدعاء كل أدوار الشر التي أدقنتها السينما المصرية”

من المهم أن لا تضعوا أطفالكم في بؤرة الصراع ويجب التأكيد على إحترام الأبوين لبعضهما، وبشكلٍ خاصٍّ أمام الأطفال، وتجنّب الإساءة لأي منهما، أو سبه أو التحدث عنه بصورةٍ غير لائقة في غيابه أمام الطفل. ولا يُنتقد الشريك الأخر أمام الطفل مع عدم استخدام الطفل كسلاح لتهدد به الطرف الآخر مثل حِرمانه من رؤية والده أو حرمان والده من رؤيته .

عدم إهانة الأبوين لبعضهما البعض أمام الأطفال لتفادي إلتصاق الصفات السلبية بهما في ذهن الطفل، حتى بعد الإنتقال من مرحلة الطفُولة للمُراهقة. كما يتسبب تبادل الإهانة بين الوالدين أو سعى أحدهما إلى الإنتقام من الآخر إلى إهتزاز ثقة الطفل بنفسه بشكل قد يصعُب إصلاحُه فيما بعد.

اطباء علم نفس الطفل يؤكدون على ان معظم الأطفال يحتاجون وقتاً طويلاً لكي يعودوا إلى حالتهم الطبيعية حتي لو عاد الوالدان إلى العيش سوياً حياة يتخللها العُنف وأن الأطفال يظلون تحت وطأة تأثير إنفصال أبويهم لمدة طويلة من الزمن .

 

كذلك نجد أيضًا بعض الآباء فاقدي أبسط أساسيات التربية السليمة يشجعون أولادهم على العنف مع زملائهم وأقرانهم الصِغار ويحفزوهم بأن يكونوا دائماً أصحاب اليد الطولى في أخذ الحقوق بأن “يآخذ حقه بيده وإن ضربك فُلان ضربة رُد له الضربة بعَشِر، وإن شتمك بلفظ كَيل لهُ كل ألفاظ السُباب المتاحة” ويُمثل له “بيان على المعلم” في كيفية التصارع والتشاجر وأن يكون ذلك الولد الصايع البورمجي أو البنت الشلق وقت العراك ونسوا أن هناك فارقٌ كبير بين تصدير فكر العنف والهوجائية والغوغائية وبين الإلتزام بالخلق السوي والأسلوب المُقدر المتقن في أخذ الحق الذي هو فعلاً حرفة أو صنعة كما تقول الأمثال، كل ذلك تحت حجة أنه “إن لم تكن ذئبا فسوف تأكلك الذئاب” و”العيلة اللي مافيهاش صايع حقها ضايع” كل تلك الامثال والحكم تندرج تحت مظلة الحق الذي اريد به باطل حيث منها يٌصدر هذا الأب او هذه الأم جيلاً جديداً ونسخاً مكررة من شباب وشابات يتمتعون بقدر كبير من البلطجة والصلف والعجرفة في التعامل مع أقرانهم وجيرانهم وأقربائهم فلا حقوق أُستردّت ولا أخلاق بَقيت ولا قيم وُرِثَتْ.

 

فكفانَا تصديراً لنسخاً مُكررة.. تحت أعذار وحِجج غير مُبررة… تٌقتلون بسمة طِفل وتنتهك براءته بضحكة وكركرة … ترمون بزهرة وتسحقون بسمة بأفكاركم المـُضررة…قبلنا أم أبينا ستبقى الأخلاق والمثُل ذات قيمةٍ ومُقدرة… عاجلاً كان أم آجلا ستصطدم نُسخكم بالواقع وتكشفها حياة مُفلترة… فكيف إن إستنسخنا الفشل والتردي تبقى أرض الله تلك مُعمرة… بلى هيّ قنابلٌ موقوتة وألغام وأزمات مُفجرة… فيا أيتها الأم البائسة لا أنتِ عبلة ولا أنتَ يا أبونا الشملول أصبحت عنترة… كفى بالله عليكما كفاكم نسخاً مُكررة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى