مقالات

الانفلات وصناعة القدوات بقلم المستشار الدكتور احمد ابوعليو

الانفلات وصناعة القدوات
في ظل حالة من التردي القيمي والأخلاقي والانفلات السلوكي الذى يكدر حياتنا ويقلقنا ويزعجنا جميعا ونعانى منه فى معظم الأوقات منذ ثورة 25 يناير .
تبرز صناعة من أخطر الصناعات التى يتوسل بها إلى تقدم الأمم والمجتمعات طالما مضت عمليات التصنيع القيمي والأخلاقي فى مساراتها الصحيحة وأسسها القويمة الا وهي صناعة القدوات والتي يصاحبها دق جرس الإنذار للتنبيه على عظم هذه الصناعة وخطورتها.
وما أكثر ما يتردد على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام الجديد على ألسنة الراشدين من الكبار والصغار.
متى تختفى نماذج البلطجي والمرتشي والحرامي والنصاب والمتحرش من على شاشاتنا الصغيرة والكبيرة لتظهر بدلا منها نماذج المدرس والقاضي والصحفي والداعية والمهندس والطبيب والمفكر؟
لماذا يفتح المجال لقدوات مصطنعة ورموز جديدة يصنعها الإعلام ويضخمها بالمال والشهرة، والتي لا يخفي عن الجميع انها سبب الانحرافات السلوكية وضرب المجتمع فى أخلاقه وسيادة الغرائز والشهوات بأنواعها.
وإننا إذا أردنا تقدما حقيقيا لمجتمعنا فعلى كل مؤسسات صناعة الوعى فى مجتمعنا أن تضع موضوع القدوة على رأس أولوياتها.
فتعلى القدوات الصالحة الحقيقية التى تبنى وتعمر وتكد وتكدح من أجل رفعة وطنها وأمتها .
تبذل الغالي والنفيس فى هذا المضمار بدلا من هذه النماذج الهشة والتافهة التى تنشر التلوث القيمي والأخلاقي والسمعي والبصرى والذوقى وكل أشكال التلوث.
لا تقدموهم، ارحموا الأجيال الناشئة من هذا التلوث.
لا تصدروا هذا الانحلال القيمي والأخلاقي للأجيال الجديدة.
إن القدوة الصالحة من أعظم المعينات على بناء الأخلاق والعادات والسلوكيات الطيبة لدى المجتمع.
ولقد اعتنت كل الاديان السماوية علي ابراز قيمة القدوة الصالحة التي يجب ان يتأسى بها كل الناس في كل المجتمعات كل حسب دينه وهويته.
لقد فطر الله تعالي الناس واوجد فيهم حب البحث عن الأسوة الحسنة او القدوة الصالحة لتكون لهم نبراسا يضئ سبيل الحق ومثالا حيا يبين لهم كيف يحققون سنن الله فى الأرض.
لذلك كان على كل مؤسسات صناعة الوعى فى المجتمع أن تنتبه لهذا الأمر الخطير، وهي تقدم هذه النماذج والقدوات لمجتمعاتها وهي تعرف تماما انهم ولانتشار الجهل سوف يقلدونهم في كل افعالهم السمجة والتي تؤدي في النهاية الي ارباحا كثيرة لهم وفي نفس الوقت تقضي علي اجيال كاملة بالتفاهات التي تقدمها .
كان علي مؤسسات صناعة الوعي أن تضع في حساباتها ان القدوة تنبع دائما من الأسرة والتي هي المؤسسة الأولى لتربية المجتمع.
وكان عليها لفت نظر أولياء الأمور من الآباء والأمهات من أن يكونوا قدوات صالحة لأبنائهم وبناتهم، لأنهم يتعلمون منهم بالمشاهدة والرؤية .
فلن يكون ابنك صادقا، وهو يراك تكذب أمامه مهما حدثته عن فضائل الصدق.
لن يكون عادلا مع أشقائه وشقيقاته، وهو يراك تمارس كل أنواع الظلم ليلا ونهارا.
لن يكون ابنك واصلا لرحمك قائما بحقوقك، وأنت تعلمه فى صمت بتصرفاتك كل أشكال العقوق والقطيعة مع من يجب عليك وصلهم.
لن يكون ابنك الطموح راضيا بمعيشته وانت تعلمه الرغبة في احكام السيطرة من اجل المزيد من الربح والتطاحن بشتي الطرق.
لن يكون ابنك منظما وانت تعلمه الفوضى الخلاقة بدلا من ان تسلك به طريق الرشد الخلاق.
لن يكون ابنك نبتا صالحا وانت تعلمه بوسائل عدة كيف يكون نبتا شيطانيا في عالم المال والشهوات.
لن يكون ابنك ذا تربية حسنة وهو يراك علي غير هذه التربية.
لن يكون ابنك وفيا لك وهو يراك تهين والديك او لا تسأل عنهم .
لن يكون ابنك شيئا صالحا مفيدا لمجتمعه وانت تعلمه كيفيه اقتناص الفرص ولو علي حساب الاخرين.
لن يكون ابنك قائدا في مجتمعه وان تريده ان يكون قائدا بالوساطة والرشوة والمحسوبية.
يا سادة
اننا في زمن الاستراتيجية الخبيثة التي اعتمدتها العولمة المتوحشة من خلال أساليبها الناعمة بغية ابتذال الواقع الراهن لأن الشعوب اصبحت تصنع، بل ويعاد هندسة فكرها ووعيها وذوقها.
فمما لاشك فيه أن سيطرة التافهين على مسرح الاحداث حقيقة ظاهرة مثل سطوع الشمس في كبد السماء وأن التافه هو من ينجو الآن وأن للتفاهة فرصة أفضل للنجاح في وجود المناخ الفاسد.
فالجادين ليست لهم اماكن علي ارض الواقع لان بضاعتهم قد كسدت وافكارهم عن الحق والعدل والجمال اصبحت افكارا باليه وعفي عليها الزمان.
ايها السادة
الامر جد خطير واختيار القيادة والقدوات ان لم يجد طريقه السليم فهو لعب بالنار التي ستأكل المجتمع ان
لم تتواجد فيه القيم والأخلاقيات.
ان لم نسرع ونعلي من قيم القدوات الصالحة والقادة المخلصين وننشر الامثلة المحبة للوطن ليتعلمها شبابنا فسنكون في مأزق نعاني منه لفترات طويلة.
وليكن لنا في مسلسل الاختيار نموذجا ليتأسى به شبابنا في عرض بطولات الابطال من الرؤساء والمرؤوسين ولنعمم الفكرة عن كل القيادات والقدوات فربما نستطيع ايقاف هذا الغول المميت لقيمنا ولأخلاقنا .
ولنفكر قليلا خارج الصندوق ولنعيد التربية قبل التعليم عند تعليم اولادنا.
ولتكن وسائل الإعلام التقليدي والجديد والشاشات الصغيرة والكبيرة وقنواتنا الفضائيات واليوتيوب وغيرها نموذجا في أن تقدم وتعلى من شأن النماذج الحقيقية والقدوات الحسنة التى تبنى ولا تهدم التى تبذل الغالي والنفيس، من أجل رفعة مجتمعاتنا وتقدم أوطاننا.
ودائما اقول قل لي من قدوتك أقل لك من أنت؟
حفظ الله مصر وبارك شعبها ……..
والله الموفق والمستعان…
وتحيا مصر…..تحيا مصر …..تحيا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى