المزيد

رسالة الجمعة   فلسفة الصوم – د. احمد ابوعليو

رسالة الجمعة

فلسفة الصوم

وها نحن نستعد لاستقبال شهر رمضان المعظم ..

شهر الصبر والرحمة والمغفرة والعتق من النار..

شهر البدايات الجديدة، والفرص الاستثنائية التى تنقذ الإنسان من استغراقه بتفاصيل الحياة اليومية، بكل ما فيها من آلام ومعاناة وأوجاع.

رمضان.. شهر يختلف تمامًا عن بقية الشهور، على صعيد العادات والعلاقات الإنسانية والاجتماعية، لما له من دور مهم فى وضع برنامج جديد لحياة مختلفة وسلوكيات وعادات متجددة.

إنه رسالة الروح ومدرسة الضمير وفلسفة الفكر، وفرصة لبدء حملة تطهير شاملة للنفس لتصفية الرواسب خلال أحد عشر شهرًا، كما أنه رسالة مهمة ومتجددة كل عام للتكامل والتكافل الاجتماعى بين أفراد المجتمع، الذين يكونون خلاله أكثر تواصلًا وتراحمًا فيما بينهم.

رمضان يعد بمثابة دورة يتدرب الناس فيها على التحمل والصبر والمواساة، حيث يتواضع فيه الغنى على مستوى الفقير، ويترفع فيه الفقير إلى مستوى الغنى.. باختصار هو شهر للمحبة والصفاء والنقاء والتقوى.

رمضان هو نِعم المربِّى، لأنه شهر الإنابة والاستغفار وكف النفس عن مشتهياتها، كى تكمل بالصبر والعزم على اقتحام الأذى.. فالنفوس تُقاس بدرجة تحملها النوائب وصبرها على المكاره.

رمضان ليس للصيام فحسب، بل هو شهر البناء والتربية على أكثر من صعيد.. كما أنه ليس للتعبد والاعتكاف وتلاوة القرآن فقط، بل يمتد ليشمل صلة الأرحام، والعطاء الكريم بالصدقات، والانفتاح الاجتماعى على الفقراء والمساكين، وتحسين الأخلاق، والتوبة من الذنوب، والالتجاء إلى المولى سبحانه بالدعاء، والابتعاد عن كل ما حرم الله.

هذه هي الفلسفة التى يجب أن يكون عليها الشهر الفضيل،والتي للأسف تحولت مع كثير من الممارسات الخاطئة والعادات السلبية المستفزة إلى عُرف شائع وقواعد سنوية، تحاصر الصائم قبله وخلاله.. إلى ما بعد عيد الفطر!

فمن سخافات البرامج والمسلسلات الرمضانية التى تُظهر حالة من التناقض المجتمعى، مرورًا بإعلانات التسول والتبرع بالصدقات والزكاة، وليس انتهاءً بإعلانات القصور الفارهة والمصايف والشاليهات والعطور والمجوهرات.

مع بدء الشهر الفضيل، أصبحنا على موعد لزيادة جرعة «التسول»، وتكريس «الطبقية» بين الناس، حيث تصطدم المشاعر بتكرار إعادة بعض المشاهد لشريحة كبيرة من المجتمع، ما بين جوعى ومرضى ومحتاجين، وآخرين مصابين بالتخمة من الثراء الفاحش.. فى استفزاز واضح لمشاعر البسطاء الكادحين المطحونين!

أخيراً..

نرجو أن يكون هذا الشهر المبارك، فرصة للتسامح والعمل والبناء والتفاعل الروحى والالتزام المتكامل، بكل ما تعنيه هذه الفريضة من واجبات وآداب وسلوك، ودعوة إلى التغيير نحو الأفضل، لبدء صفحة جديدة مع الله والوطن والمجتمع..

والله الموفق والمستعان …

ورمضان كريم…..

وكل عام وكل الشعب المصري في محبة ومودة وأمان……

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى